الخميس، 5 مايو 2016

مِن أينَ نأتي بحَدْس ِالطفولةِ‏ مِن أينْ .. ؟!‏

قطرة حزن-

وطنٌ لمَخاوفِ هذا العالم ِقلبي‏
مَن يَعرفُ أينَ حدودُكَ يا عصفورَ الخَوفْ ؟‏
يا مَملكة َالخوفْ‏
وطنٌ للآلام ِ، ويَحملني حُبِّي‏
أرحلُ منكَ،‏
وأرحلُ فيكْ‏
أيُّ صَليبٍ يَمتدُّ إلى أطرافِ الأرض ِرَحيلي ؟‏
يا قلبي‏
يا طيرا ً أنهَكهُ الطوفْ‏
ولم يَبرَحْ يَسحَبُ في كلِّ جهاتِ الأرض ِ‏
جناحَيهِ المَسحوقينْ‏
يا كنز َ الخوفْ‏
يا قطرَة َ حزن ٍ‏
تنبضُ فوقَ صَليبِ العالم ِ‏
يا قلبي ..‏



ما اروع التساؤل و الشكوى هنا حين يقول " مِن أينَ نأتي بحَدْس ِالطفولةِ‏
مِن أينْ .. ؟!‏


- قمَرٌ في شَواطي العِمارة *-

أ ُراهِنُ أنَّ الذي أسمَعُ الآنَ ليسَ الصَّدى‏
أ ُراهِنُ أنَّ الذي يُقلِقُ الضَّجَّة َالآنَ‏
شيءٌ سوى الصَّمت‏
هل قلتُ شيئا ًعن الذاكرَه ؟‏
ربَّما كانَ لي قمَرٌ‏
ربَّما أورَقَتْ سِدرَة ٌ ذاتَ يوم ٍ‏
بزاويةٍ في العمارةِ أعرفُها‏
وَلجَأتُ إليها صَغيرا ً‏
يُعَذ ِّبُني الشكُّ في حَيَّةٍ قيلَ تسكنُها‏
وَلجَأتُ إليها كبيرا ً‏
فلم نتعَرَّفْ على بَعضِنا‏
آهِ .. مَن لي بخوفِ الطفوله ؟!‏
وأ ُقسِمُ أنَّ الذي أسمَعُ الآنَ ليسَ الصَّدى‏
أنَّ ما يَتسَللُ بينَ المَفاصِل ِ‏
شيءٌ سوى الصَّمتِ‏
يا قمَرا ً في شواطي العِمارَةِ‏
مِن أينَ نأتي بحَدْس ِالطفولةِ‏
مِن أينْ .. ؟!‏
* العمارة: مدينة الشاعر في طفولته، جنوب العراق .‏


(عين على اهل الدار وقلب يكاد ينطفئ)



-الزائرالأخير *-

مِن دون ِميعادِ‏
مِن دون ِأن تُقلِقَ أولادي‏
أُطرُقْ عليَّ البابْ‏
أكونُ في مَكتبَتي في مُعظم ِالأحيانْ‏
إجلِسْ قليلا ًمثلَ أيِّ زائر ٍ‏
وسوفَ لا أسألُ‏
لا ماذا،‏
ولا مِن أينْ‏
وعندَما تُبصِرُني مُغرَورِقَ العَينينْ‏
خُذ ْمِن يَدي الكتابْ‏
أعِدْهُ لو تسمَحُ دونَ ضَجَّةٍ‏
لِلرَّفِّ حيثُ كانْ‏
وعندَما نخرجُ‏
لا توقِظ ْ ببَيتي أحَدا ً‏
لأنَّ مِن أفجَع ِما يُمكنُ أن تبصِرَهُ العيونْ‏
وُجوه أولاديَ حينَ يَعلمونْ..‏
* فازت هذه القصيدة بوسام {القصيدة الذهبية} في مهرجان ستروكا الشعري العالمي سنة 1984 .‏



(هنا يقبل عليه الليل في آخر ايامه:)


-قلقٌ في ليلٍ مُتأخِّر-

خائِفٌ أنتَ حينَ تُفكِّرُ بالموت ؟‏
أم مُتعبٌ ؟‏
صارَ هَمُّكَ صُبحَ مَساءْ‏
أن تفيءَ إلى آلةِ الضَّغطِ،‏
تَرقبُ في قلَق ٍصَوتَها‏
وهيَ تَحسِبُ إيقاعَ قلبِك..‏
تَعلمُ أنَّكَ حَمَّلتهُ فوقَ طاقتِهِ‏
ثمَّ ها أنتَ‏
تَحسِبُهُ،‏
وَتُحاسبُهُ..‏
مُتعَبٌ أنتَ يا صاحبي‏
كانَ أجدَرَ أن تَترَصَّدَ قلبَكَ منذ ُثلاثينَ عاما ً..‏
أيَملِكُ هذا الجهازُ المُوَجَّهُ‏
أن يَفعَلَ الآنَ شيئا ً‏
سوى أن يُخيفَك ؟‏
خمسونَ عاما ً‏
وقلبُكَ يَذبَحُهُ نَبضُهُ‏
لم تَضَعْ رَصَدا ًمن سكونِكَ‏
أو من جنونِكَ‏
يوما ًعلى خَفْقهِ‏
ثمَّ ها أنتَ ذا تَرصُدُ الآنَ إيقاعَهُ..‏
إنهُ عَزفُ كلِّ السِّنين التي لم تكنْ في حِسابِكَ‏
يأتي نَشازاً‏
لأنكَ أنفَقتَ عُمرَكَ تَقرَعُ أنياطَ قَـلبكَ‏
لم تَلتفِتْ لحظةً لِتآكُلِها‏
خائفٌ أنتَ ؟‏
أم مُتعَبٌ ؟‏
إنَّ قلبَكَ مازالَ يَنبضُ يا صاحبي‏
دَعْ لهُ في الأقلّ‏
أن يُقرِّرَ كيفَ سَيُنهي نشازاتهِ




(يردد كلمة النقاء
ليصرح بحبه لله:)

-مُنذُ ذاكَ المَطَر-

كنتُ طفلا ًأنامُ على السَّطح ِفي الصَّيف‏
في بَيتنا في العِمارَه‏
كنتُ أسبَحُ بينَ رِحابِ الفضاءِ‏
وأحلمُ‏
أرحلُ بينَ الغيوم ِ‏
وبينَ النجوم ِ‏
وأحلمُ‏
في أيِّما غيمَةٍ يَسكنُ الله ؟!‏
كانَ المُعَلِّمُ يُخبرُنا‏
أنهُ فوقَ كلِّ النجوم ِ‏
وكلِّ السحابْ‏
وهوَ في كلِّ بابْ‏
فإذا ما دَعتهُ القلوبُ استجابْ‏
يا ما تَلمَّستُ جَنبي‏
وتمَنَّيتُ مِن كلِّ قلبي‏
لو أرى الله..‏
ثمَّ أنامْ‏
حالِماًبألوفِ الكواكبِ تحملُ فوقَ الغمامْ‏
عَرشهُ، وهيَ تسهَرُ وَسْط َالظلامْ ..‏
ليلةً‏
كنتُ أُوشِكُ أغفو‏
عينايَ في غَيهَبٍ تَسبَحانْ‏
وصَوتُ الأذانْ‏
والكواكبُ تنأى وتَطفو‏
فجأة ً مَرَّ سَهمٌ من الضَّوءِ لِصْقَ القمَرْ‏
تاركا ًجُرحَهُ في السماءْ‏
لستُ أدري لماذا تخَيلتُ أنَّ الدِّماءْ‏
مَلأتْ مُقلتيَّ،‏
وأنَّ المَطرْ‏
سوفَ يَهمرُ ذاكَ المَساءْ‏
وانهَمَرْ..!‏
ذاهِلاً كنتُ،‏
الغَيثُ يَهمي‏
وَصَيحاتُ أ ُمِّي‏
وأحسَستُ في عُنفوان ِالمَطرْ‏
أنَّ قلبَ السماءِ انفَطرْ‏
وتَسرَّبَ قنديلُ ضَوءٍ‏
روَيدا ًتدَلَّى‏
ومَسَّ سَريري وصَلَّى..‏
ورأيتُ المُعلِّمَ يَبسمُ جَنبي‏
بَينما اللهُ يَملأ ُقلبي‏
فمَدَدتُ يَدي نحوَ صَدريَ أحضُنهُ‏
بَينما صَوتُ أ ُمِّي‏
وهيَ توقِظني وَتسمِّي‏
يُرَدِّدُ:‏
سُبحانَ ربِّي‏
يَمُرُّ الشتاءْ‏
كلُّهُ دونَ ماءْ‏
ثمَّ تُمطِرُ في شَهرِ تمُّوز ؟؟‏
سبحانَ رَبِّ السماءْ..‏
مُنذُ ذاكَ المَطرْ‏
وأنا مؤمِنٌ بالقدَرْ‏
مؤمِنٌ أنَّ رَبِّيَ‏



(يبدو ان اولاده بدأو بمغادرته:)

-هُم كلُّ زَهوِك-

كفكِفْ دموعَـكْ‏
في مِثل ِعُمرِكَ،‏
لا يَجوزُ لِمَن يَروعُكَ أن يَروعَكْ‏
ستُّونَ مُوحِشَة ً نشَرتَ على عَواصِفِها قلوعَكْ‏
وَرَكِبتَ بَحرَكَ ..‏
لم تَسَلْ زاداً،‏
ولم تَستُرْ ضلوعَكْ‏
ورَحَلتَ،‏
لم توقِـدْ شموعَكْ‏
مَن ذا سيَسألُ،‏
أو سَيرقبُ، بعدَ أن تمضي، رجوعَـكْ؟‏
كفكِفْ دموعَكْ..‏
أنتَ التَصَقتَ طِوالَ عُمرِكَ بالجدارِ لِكي يَمُرُّوا‏
ضَيْقٌ مَمَرُّ الخوف..‏
يا ما كانَ جلدُكَ يَقشَعِرُّ‏
وَتُصِرُّ أن يَمضُوا بدونِكَ لِلأمان ِ، وَيَستقِرُّوا‏
دَعهُم يَفرُّوا‏
دَعهُم،‏
فليسَ بكلِّ ما عاشوهُ بارِقة ٌ تَسُرُّ‏
حتى رِضاهُم عنكَ مُرُّ !‏
يا ما أصَرُّوا‏
والأرضُ توشكُ أن تخونَـكْ‏
أن يُغلِقوا، بأعزِّ ما مَلَكوه،‏
دَربَ الموتِ دونَكْ‏
وَضَعُوا صدورَهُمو على الأبواب،‏
واحتَضَنوا شجونَكْ‏
ورأوا دَبيبَ الموتِ نُصْبَ العَين،‏
ما لَفتوا عيونَكْ!‏
كانتْ خَوافِقهُم تَدُقُّ،‏
وتَستميتُ لِكي تصونَكْ‏
هُم يَعبدونَكْ‏
تدري،‏
وتدري أنَّهُم مِن صُغرِهِم كانوا دروعَكْ‏
وَزَرَعتَ، لم يَطأوا زروعَكْ‏
وتصَدَّعَتْ بكَ ألفُ مُوجِعَةٍ‏
فما نَكأوا صُدوعَـكْ‏
هُم كلُّ زَهوِكَ،‏
لا تخفْ ..‏
لن يَكسروا يَوما ًضلوعَكْ!‏
كفكِفْ دموعكْ‏
في مِثل ِعمرِكَ‏
لا يَجوزُ لمَن يَروعُكَ‏
أن يَرُوعَكْ




(ويحدث نفسه وحيدا بالدار حينما رحلوا :)

-لا تَطرُق الباب-

لا تطرُق ِالبابَ.. تَدري أنَّهُم رَحَلوا
خُذ ِالمَفاتيحَ وافتحْ، أيُّها الرَّجلُ !
أدري سَتذهَبُ..تَستَقصي نَوافِذَهُم
كما دأبتَ، وتسعى حَيثُما دَخلوا
تُراقِبُ الزَّاد..هَل نامُوا وَما أكلوا؟
وَتطُفيءُ النُّورَ..لو..لو مَرَّة ًفعَلوا
وفيكَ ألفُ ابتهال ٍلو نَسوهُ لكي
بهم عيونُكَ قبلَ النَّوم ِتَكتَحِلُ!

لا تطرُق ِالبابَ..كانوا حينَ تَطرُقها
لا يَنزلونَ إليها .. كنتَ تَنفعلُ
وَيَضحَكون.. وقد تَقسو فتَشتمُهُم
وأنتَ في السِّرِّ مَشبوبُ الهَوى، جَذِلُ!
حتى إذا فتَحوها، والتقَـيتَ بِهم
كادَتْ عيونكَ، فرْط َالحُبِّ، تَنهَمِلُ!
***
لا تطرُق ِالبابَ.. مِن يَومَينِ تَطرُقُها
لكنَّهُم يا،غَزيرَ الشَّيبِ، ما نزَلوا!
ستُبصِرُ الغُرَفَ البَكماءَ مُطفأة ً
أضواؤها .. وبَقاياهُم بها هَمَلُ
قمصانُهُم.. كتبٌ في الرَّفِّ..أشرِطة ٌ
على الأسِرَّةِ، عافوها وما سَألوا
كانتْ أعزَّ عليهم مِن نَواظِرِهم
وَها عليها سُروبُ النَّملِ تَنتقِلُ!
وسَوفَ تلقى لُقىً، كم شاكسوكَ لِكي
تبقى لهُم .. ثمَّ عافوهُنَّ وارتَحَلوا!
خُذْها.. لماذا إذن تبكي وَتلثمُها؟
كانتْ أعزَّ مُناهم هذهِ القُبَلُ !
***

يا أدمُعَ العينِ.. مَن منكم يُشاطِرُني
هذا المَساءَ، وَبَدرُ الحزن ِيَكتَمِلُ؟!
ها بَيتيَ الواسِعُ الفَضفاضُ يَنظرُ لي
وكلُّ بابٍ بهِ مِزلاجُها عَجِلُ
كأنَّ صَوتا ً يُناديني، وأسمَعُهُ
يا حارِسَ الدَّار، أهلُ الدَّارِ لن يَصِلوا






(أخيرا، اروع ما قال، شكوى صادقه وعبارات يصعب نسيانها:)

خائِفٌ أنتَ حينَ تُفكِّرُ بالموت ؟‏
أم مُتعبٌ ؟‏
صارَ هَمُّكَ صُبحَ مَساءْ‏
أن تفيءَ إلى آلةِ الضَّغطِ،‏
تَرقبُ في قلَق ٍصَوتَها‏
وهيَ تَحسِبُ إيقاعَ قلبِك..‏
تَعلمُ أنَّكَ حَمَّلتهُ فوقَ طاقتِهِ‏
ثمَّ ها أنتَ‏
تَحسِبُهُ،‏
وَتُحاسبُهُ..‏
مُتعَبٌ أنتَ يا صاحبي‏
كانَ أجدَرَ أن تَترَصَّدَ قلبَكَ منذ ُثلاثينَ عاما ً..‏
أيَملِكُ هذا الجهازُ المُوَجَّهُ‏
أن يَفعَلَ الآنَ شيئا ً‏
سوى أن يُخيفَك ؟‏
خمسونَ عاما ً‏
وقلبُكَ يَذبَحُهُ نَبضُهُ‏
لم تَضَعْ رَصَدا ًمن سكونِكَ‏
أو من جنونِكَ‏
يوما ًعلى خَفْقهِ‏
ثمَّ ها أنتَ ذا تَرصُدُ الآنَ إيقاعَهُ..‏
إنهُ عَزفُ كلِّ السِّنين التي لم تكنْ في حِسابِكَ‏
يأتي نَشازاً‏
لأنكَ أنفَقتَ عُمرَكَ تَقرَعُ أنياطَ قَـلبكَ‏
لم تَلتفِتْ لحظةً لِتآكُلِها‏
خائفٌ أنتَ ؟‏
أم مُتعَبٌ ؟‏
إنَّ قلبَكَ مازالَ يَنبضُ يا صاحبي‏
دَعْ لهُ في الأقلّ‏
أن يُقرِّرَ كيفَ سَيُنهي نشازاتهِ !

ليست هناك تعليقات: