الثلاثاء، 14 يناير 2014

قصه قصيره- كاميليا وأحاديث الأشتياق

February 28, 2011 at 9:21am
نظرتها تعود وتذبل الى ما تحت الشرفه، تلف أحدى ذراعيها وتحتضن الذراع الأخرى متكأه بها على الجدار الجانبي، تهب نسائم شم النسيم، نسيم الحزن البارده وشالها الذي أكتسته في الداخل كان قد ترك كتفيها ولم تعره أنتباها، غلبت أحاسيس حرقه واشتياق تلك القشعريرة التي أحسست بها عندما بدأت جلستها، لم تعد الآن تدرك كثيرا ما حولها، تعود عيناها وتطرق قليلا ثم ترسلها ببطئ، نظرتها الذابله تصل آخر الشارع وكأنها تحاكي آتيا من بعيد، ترسل تناهيدها على هيئة نحيب متقطع في النهايه،
 
تسمع صوت أمها القادم، "أنتي تمللي هاتؤعدي كدا ياكاميليا أدام الشباك، مش تؤومي تعملي حاجه" فتحاول أن تداري من هيئتها وتستقيم في جلستها وتمسح عيناهاوأنفها بكلتا يديها. تنهيده أخرى طويله وتترقرق نفس الدمعه على طرف وجنتيها وتقع وتختفي كل الدموع داخل سترتها، يشتعل الحنين. يلح عليها نفس التسائل تجاه ابيها وهي طفله، لماذا يسافرون ولم لابد من السفر لكسب الكثير من الجنيهات، مالفائده ..
 
ايام تمضي، ياترى ما فعلت كاميليا اليوم والى ما أستمعت ، حان وقت القيام من أمام الشرفة، تدلف الى الصاله وتتهادى بتردد الى غرفتها هذه المره بدلا من المطبخ، لم يعد الطعام يهنأ لها مع "شم النسيم". نفحات قادمه من شذى بوكيه الورد الذي أحضرته معها ووضعته بجانب السرير، تسري روائح البوكيه وفي المساء تعب الشقه بريح ياسمين الشوارع والعطور تفوح معه من الجلباب القطني، وهي تغدو مجيئا وروحه والممر يزداد عبقه وبحرص تغدق على ذاك الجلباب من العطركلما نزعته ووضعته في الدولاب، تحب ان تقوم بتوليفة العطور بنفسها من انجليزي وفرنسي وروح القرنفل الهندي، ثم تعتق تلك التوليفه وتضع منها كلما ارادت الذهاب الى الشرفه وكأنها تريدها ان تسامرها وحدتها.
 
شرفة غرفتها الأخرى مشرعه منذ عادت، تقوم الى باب الغرفه لتواربه قليلا، تتمنى أن لاتقترب أمها وهي على أحوالها هذه وهي لم تمارس الطقس الذي تحبه أمها، أحداث ضوضاء ما في المطبخ . تجلس على طرف التسريحه وهي تتمتم بتنهدات متقطعه مع الراديو،  
 
تقرأكاميليا هذه الأيام ""رغبات القلب" للكاتب اللاتيني الغير معروف الأسم، و مغرمه بروايات كثيره وتترجم مقاطع من "ذهب مع الريح" وتقرأماترجمت أواخر الليالي، كأنها تريد أستعادة مشاعر مارغريت ميتشيل بوقعها وتأثيرها. وتذهب بنفسها الى براري امريكا وتتخيل بطل الروايه يلاحقها بين الأشجار، يلحق بها، يعتصرها ويقبلها،
 
فلم أجنبي وقصة حب أخرى على التلفزيون، تكثر كاميليا التحديق في وجوه الممثلات الوسيمه الصافيه وكأنهن من كوكب آخر، تحدق فيهن مليا وتتمنى أن تقف الصوره لتشبع النظر في دقة ملامحهن وانوفهن،كاثرين هيبورن ولورين باكال وريتا هيورت وآفا قاردنر. تقوم بأخراج واحد من مشاهد الحب تلك وتنبري خيالاتها، تختار بطل فلمها وتجعله يتفنن في ملاطفة تلك المخلوقات كعبد الحليم في "أبي فوق الشجره"، وتزيد على ذلك بكثير من العناق ويدان تتخلل خصلات الشعر الذهبي وهو يملأ بين الأصابع ثم تدخل اليدان في كل انحاء الرأس من الوراء وتعيد اليدان لتداعب الجبين، وتأخذ صفحة الوجه بين اليدان وترفعها وتأخذ الشفتان في مشهد يطول حتى تسري قشعريره في جميع أنحاء جسمها، تجعل البطل يحتضن البطله متكأ على الشجره وهي تجلس بكامل جسمها في حظنه. ثم تجعله يحملها من خصرها ليردفها خلفه فوق الفرس الأشهب ذو العينان الكحيله الواسعه الذي كان يقف بجانبهم مادا رأسه خلال المشهد الطويل يأكل الحشائش من بين أرجلهم، ثم ينطلق بتلك الملاك وهي عاقده ساعديها حوله بكل قوه مخبأةوجهها في ظهره ويتيه بها في البراري الخضراءالشاسعه..
 
تلح عليها رغبه شديده في التروماي بأن تحذو حذو راعية بقر، ولوهله ترى نفسها تعتقد الأي شارب الأحمر، تحكم ربطته حول عنقها، تفرد يداها والأصبعين الكبيرين معلقه على الحزام الجلدي المنطوي على خاصرتها، تشق طريقها بين الجمع الغفير من الرجال فارعي الطول في ممر القطر وترى قبعاتهم تتهاوى لتحييها، بينما يقفز أحدهم من مقعده ليقعدها "هنا سيدتي"، كم تتمنى أن يكون لها نفس الأحترام والتودد، وأن تلبس الجينز المطرز بجلود كثيره تتدلى من جانبيه، ترى نفسها في آخر هذا المشهد تجلس أمام الناس على القطر رجلاها فوق بعضهم البعض ومستنده الى الوراء ورافعه رأسها فاتحة ماتحت حلقها وتهز ساقها وقدمها الراكبه على الأخرى بكل حريه غدوة ورواحا والمارين من أمامها من الرجال ينظرون بود وأعجاب ويحاولون تفادي الأرتطام بساقيها، وتنظر بزهو الى حذاءها مدبب الرأس ذوالأنصال البراقه.
 
تحين زيارة دار الأوبرا ويحين موسم الموسيقى العالميه وكنفستروار برلين الى القاهره في أبريل مع تفتح الزهور
كانت تأخذ تسجيلات دار الأوبرا وسنفونية النشيد ليتهوفن معها الى المدرسه الألماني، تتمنى ان يكون طلابها يعلمون مايقول ذلك النشيد ليؤثر فيهم كما تتأثر كلما سمعته.
 
على باب الأوبرا كان هناك جمع غفير، الجميع يصافح ويقهقه، تتمنى لو أتت متأخره قليلا لتتفادى تلك النظرات، لاشك أن هؤلاء السيدات ينشغلون بكاميليا كل ما رأوها، فعلى بساطه تسريحتها ورثاثة فستانها يلتفت اليها كل الحاضرين. أحداهن اخذت أخرى من يدها بسرعه ، "بصي، تسدأي، نفس الفستان اللي كانت لبساه"، أدركت كاميليا أنها تقبع في الذاكره منذ أتت السنة الماضيه، لكن يراودها أحساس حرمان ما قريب من ذلك الأحساس الذي يغتها في الشرفه. الفرقه والفراغ الكبير عن ما حولها يعصف بها، تقف وحيده وسط القهقهات المتصاعده التي لاتليق بدار الأوبرا، يفاجأها أحساس وهمه بمغادرة المكان، تتحفز قليلا، تمر في طريقها على دورات المياه، ترى وجهها بصوره غير التي كانت تراه في الردهه، عينان مغرورقان بدمعتان، ترى بريق يخرج من عيناها، تحس بجمال عيناها المرتبكه وتكسو سمرتها أصفرارا ملائكي يجعلها تأنس لأحاسيسها وحزنها، تقارب وجهها أكثر وكانها تريد الأقتراب، تتبسم، تتظاهر لمن كانت بجوارها أنها تتفحص ماكياج جفناها وتقبض شفتاها لتزيل حبيبات العرق المحيطه بفمها، نظره أخرى وتكتفي كاميليا بوهج عيناها، ويزداد توهج عيناها عندما يحين بدء المعزوفه التي أتت من أجلها، معزوفة البيانو والاوكسترا الأولى لشوبان. نشوه وعمق تلك الأنغام تأخذ كاميليا الى حيث أرادت، تحاول أن لاتتمايل مع ذلك اللحن العميق لمفردة البيانو وهي تعلو وتهبط بها، بعد المقطع الأول تحدثها نفسها كما كل عام، هؤلاء العازفين أتو من أجلي، تنظر الى ماحولها من رجال ونساء، تتذكر مقولة "جوته" كيف أن الفنان يترجم عناءه الى أحاسيس وسخريه".
 
عند دار الأوبرا يحين الوداع، كاميليا تنخرط مره أخرى الى الشارع، بزخمه وأطفاله، هذه الفوضى العارمه في طرقات الخان تأخذها وتدلف على غير هدى بين المقاهي والبائعين، أطفال كثيرون يصطدمون بأرجلها من الأمام ومن الخلف وجريهم المحموم يحيد بهم عن غيرها اليها، سكونها بين الماره، تتهادى بين أناس كثيرون يستمرون في السير، أجسادهم أكثر جمودا وثقه بالنفس. لا تستطيع الوقوف لشراء شيء أو النظر اليه، سياق العابرين يدلف بها الطرقات وهي لاتقوى على المقاومه، تريد أن تتلفت حولها لكن تخشى من التقاء عيناها بالأعين المفتوحه الشرهه بفضول للاشىء، حاولت مره ان ترفع رأسها قليلا وتتلفت ، تتوقف الثواني والماره وكل من حولها وتنصب أعين كثيره متراصه صوبها، تنفر وتحث خطوه وأخرى، تريد الهروب ولا تريد من هنا، هناك طفل محموم آخر يشق ارجل الماره ويصطدم بها من الأمام، جسم بشري يلامس جسدها بقوه، ترتعش، تهب الى طفل آخر قادم وتعتنقه، توسعه قبلات ويجفل منها ويغرس قبضتيه في تلابيبها يدفعها وكاميليا تتلاحق انفاسها، يضرب بأرجله جانبيها فترتد الى الوراء، عظامها واهنه وخفقان يشتد داخل صدرها ، ترجع الفتى الصغير الى الأرض، تظع وجهها في وجهه وهو يعيد النظر اليها في دهشه واستنكار، تظم يداها الى صدرها، يقع الطفل مرارا وهو يهرب مرة اخرى بين الماره. ، تستمر كاميليا، تخور قواها على مقعد الأتوبيس، . بادرتها فكرة ان تعود الى أمها وتأخذ يداها الى صدرها وتنام.
 
تقبل على أمها لتضع رأسها على صدرها، تغمض عيناها وتغوص بصدرها، تلصق أذنها أكثر محاوله عدم تمييز ماتقول أمها من كلام كثير كعادتها، تدفعها أمها وتقف، تسأل كاميليا، ماذا كنت تقولين يا أمي؟ تسرع أمها الى المطبخ "بقالي أكلمك ساعه وقولك سبت حاجه على النار....."
 
لاأعلم الى اي مدى تكون اوصاف كاميليا واضحه، ربما جماليات مشاعرها وروحها هي التي تكسو أطلالتها، قد يستطيع احدهم ان يبلغ منه شيء بالشعر، كي يعبر عن هذا الألق المتواري فينة وفينة يتراءى على وجهها وهيئتها، ونظرة عينيها وشرودها الى الأفق تستشرف غائب ما، او هي التفاتاتها من حولها من تلك اللحظات التي تغتها وتهجرها كل يوم في الشرفه، وعندما يلفها الوجد او يأتيها هاجس وأحلام ما بين النوم واليقظه، وقسمات بشرتها المتناهيه في الصغر على جانبي وجنتاها و تلك الهاله الأخرى المحيطه بفمها كلما تبسمت، والبشره النظره في عقدها الثالث التي تعبق بمسحه شحوب سامر جليل تكسو الكثير من الحياة ووهج العينان كلما لعبت بها العواطف واطربها نغم، حتى صفرة الشاي تلك التي تعبق بها ثناياها كلما ضحكت يستحيل وصف ظلالها، تحيي بها بواب العماره وأطفال الشارع تذبل الضحكه وظلالها الى ملكوت ما عندما يعود الحنين، تضم كاميليا بوكيه الياسمين وهو في فيحانه بدايات لياليها ذاهبة الى الشرفه حتى ينتهي اقتعادها تجلس بجانبه تخلد الى انغامها وهي تقاوم سهدها الانهائي،
 
تعيش كاميليا هذه المشاعر و تستكين الى هذا الوجد وهذا السهاد، لاتحدث احد من الخلق الا امها التي ضاعت مع الأيام في هذا النسيج، بيت العاطفه وقافية المشاعر، لقد ولى زمن الطفوله وزمن الصبا وبقي لها شيخوخة المشاعربكامل الزينه والمتاع، تغدق على نفسها من ذلك النعيم وتسرحه كل ليله عذراء، تدخلها تارة على الحبيب الغائب الذي ولى منذ زمن ولم تعد تذكره ألا قليلا، ربما فقط عندما ترى مذيع الأخبار، وتارة تحيط رأس العروسه الغريبه فل وياسمين ونساء كثيرات يزفونها فتزغرط لها ولسعادتها، وتارة تجعلها أرملة عظيم من عظماء الفراعنه وتحت امرتها البناءين والفنانين، ثم تأخذ فلاحه حسناء قادره قدرة الأنثى وغيرتها فتأسر به أمير وفارس في سرايا عظيمه، ثم تتراءي لها أخر الليل مع زهرة الفجر ونعسان نجمة الصباح اراضين بعيده، بلاد في شرق الأرض وغربها وأقصاها، صفراء وحقول شاسعه وأمرأة في كل حقل يعصف بها محبه وشبهة محب، تهرول العذراء و تطير كالملاك في حلل تتهادى مح الريح و الحبيب يلاحق تلك الملاك و يلهث حتى يقع وهي تتعالى ضحكاتها- همهمة ضحكة كاميليا في الشرفه توقضها من خيالاتها تلك وتفزعها - تستعيد كاميليا شالها وتعقد يداها على صدرها اتقاء طراوة الفجر وتتابع بلا ملل في تلك الشرفه.. يتبع - ربما ...

الثلاثاء، 7 يناير 2014

بداية امل ..


ما الذي يعنيه لك بداية حلم ..

بداية امل و امنية ..

ثمة بدايات تجعل من حياتك أنشودة فرح ..

فقط .. قليلا من الصبر لتنطلق !